في الحب والسياسة والقتال والرياضة والعمل، وكل ما يخطر ببالكم من مناحي الحياة، يستخدم أناسها سياسة «التطفيش»، والتي اعتبرها البعض سياسة قائمة بحد ذاتها، فالزوجة في البيت تشعر بأن زوجها يرغب بخروجها، والجار يريد انتقال جارته، ورئيس العمل ينوي التخلص من موظفه، والكنة من حماتها، والصديقة من صديقتها، ولكل أسلوبه، وفي الوقت نفسه، فإن الطرف الآخر أي «المُطفّش» يدرك ضمنيًا ما يجري من حوله، فيستجيب! إلا إذا كان ثقيل الدم من الدرجة الأولى، وفي قصصنا لهذا الملف شخصيات «طفشت»، وأخرى أجبرت متبعي هذه السياسة إلى الوقوع بها!
إذا حدثتك في موضوع لأخذ المشورة، اكتف برمقها بنظرات الاستخفاف، ولا تعرِّفها وجهتك خارج البيت، وإياك أن تقول: «تسلم إيديك، الأكل طيب»، فهي مجرد طبخة، وعندما تتزين لك اشغل نفسك بمتابعة التليفزيون، ومع الأصدقاء لا تنفك عن انتقادها، وإذا قالت للأولاد يمينًا قل لهم شمالاً، واعلم أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، ولا تنس أن تقضي أغلب أوقاتك خارج البيت! هذه ببساطة نصائح للزوج الذي يريد «تطفيش زوجته» وهي تلوح بيديها الفارغتين!
كلا الطرفين قد يتبع الأسلوب لأغراض تختلف حدتها؛ لذلك وافق الصحافي سامي المنصوري، من السعودية، على الصمت والانشغال بأوراق العمل من الوصفة السابقة، وأضاف إليها التظاهر بالنوم وتقلب المزاج، يعلّق: «عندها ستطلب الزوجة عن طيب خاطر الذهاب إلى أهلها». لكن علي شعبان، مدير مبيعات مصري، استغل سياسة التطفيش أو «التوزيع» حسب التعبير الدارج، مع زوجته ليدخن السجائر مع أصدقائه، حسب زعمه، فكان يطلب منها كل دقيقة شايًا وقهوة، وعندما لم يفلح في التخلص منها استسلم قائلاً: «بعد هذه المضايقات ألا تريدين الذهاب إلى أمك»، فلبت طلبه، لكنها لم تعد إلا بعد ثلاثة أيام.
وحين ملَّ محمد خالد، رجل أعمال، في الإمارات، من زوجته التي لا تعشق في السفر إلا التسوق، وحمل الأكياس المليئة بالأحذية والملابس، جعلها ترفض مرافقته، حين أصر على اصطحاب أخته التي ترملت حديثًا معهما، يتابع محمد: «اتفقت مع أختي، على أن تخبر زوجتي بالأمر، وإذا بزوجتي تصرخ في وجهي قائلة: سافر أنت وأختك، لا أريد أن أسافر معكما».
الزوجة أيضًا تطمح لتطفيش زوجها، ولكن بالمال، كما حاولت سارة أمين، موظفة من الإمارات، حيث أقنعته بالسفر لأسبوع مقابل التكفل بكل المصاريف!
لكن منال نبيل، ربة بيت من الإمارات، فشلت في إقناع زوجها للتوقف عن عمل الولائم لأهله، فاضطرت أن تترك البيت؛ لتكتشف أن الولائم وسيلته لتطفيشها!
غير أن مجيدة علي الزبير، موظفة مغربية، لم تعد تأبه لأساليب التطفيش التي يتبعها معها زوجها، وتذكر تلك الليلة التي طلبت منه أن ترافقه إلى مراكش، لكنه تهرب وطلب منها أن تذهب عند أختها بمدينة أخرى، تتابع مجيدة: «كنت أدرك أنه على علاقة مع أخرى، وأنه يرغب بالخلاص مني».
فيما تلجأ ابنة بلدها عائشة العزيوي، ربة منزل، إلى سياسة تطفيش مرحة؛ بتوزيع المياه على أرضية كل غرف المنزل؛ مما يجبر زوجها وأولادها على تركه، فتنعم هي بترتيبه دون مضايقات.
وحين ترغب أم وسيم حمود بطرد زوجها من البيت، تطهو «كوارع وكرشة» لأهلها، فترغمه على ترك البيت ليوم كامل.
«لا يوجد أسهل من تطفيش زوجتي»، بهذه العبارة اللامبالية بدأ المصور الصحفي خالد لبادة، من البحرين كلامه، فهو عندما يقرر البقاء مع أصحابه يوهمها أن البيت بحاجة «لرش المبيدات»، وبما أنها مصابة بالربو، تترك البيت طواعية.
حين يفرض الأهل على ابنتهم عريسًا محترمًا وابن حلال وغنيًّا ومتعلّمًا، كيف لهم أن يفهموا أنه ثقيل الدم، وكيف لها أن تخبرهم؟ ولم يعد بإمكانها التخلص منه على طريقة سعاد حسني في «تطفيش» العريس في فيلم «الزواج على الطريقة الحديثة»، فوضعت الملح في «الشربات» له، فهي طريقة مكشوفة، تذكرتها أم هاني، ربة منزل من فلسطين، وأضافت إليها سكب رائحة نفاذة على ملابس العروس، فيما تروي عن ابنة جارتها كيف تظاهرت بمرض النوم؛ لتطفيش عريسها الذي أرغمت عليه حتى ظن أنها ولدت نائمة!
وعندما فوجئت إحدى صديقات المذيعة بالتليفزيون السعودي، سمية أحمد، أثناء خروجها للتنزه مع أهلها أنها في مقابلة مع عريس، قررت تطفيشه من اللقاء الأول، واتبعت أسلوب السب والصراخ في وجوه الأطفال المحيطين بها بشكل غير لائق؛ علّه يأخذ انطباعًا سيئًا عنها فلا يعود. والطريقة الصائبة التي اتبعتها فاتن جامود، موظفة مغربية؛ لتطفيش شاب أراد الزواج بها، هي إخباره أن والدها مادي جدًا، وهي مثله طبعًا، وسيشترطان مهرًا خياليًا، فما كان منه إلا أن استدل على أول طريق وهرب!
فيما كانت خطة هند عادل، طالبة جامعية في الإمارات؛ لتنفير ابن عمها من خطبتها هي الظهور أمامه بملابس متسخة، وتناول كمية من الثوم، حتى «طفش»!
ورفع رضا بركات، موظف في الإمارات، يديه مستسلمًا؛ فقد تغلب عليه أهل خطيبته بنظرتهم المتعالية، وإشارتهم لوظيفته البسيطة، وعندما بدأت الأم بعزف نغماتها أن ابنتي جميلة وألف واحد يتمناها فقد أعصابه وفسخ الخطبة.
ولكي تتخلص سالي صلاح، طالبة جامعية من البحرين، من خطيبها الطيار البخيل، اتفقت مع صديقتها الدكتورة أن تكشفا أمامه أنها مصابة بمرض السكري، وباتت كلما التقته قضت أكثر وقتها في الحمام، وإن جلست إلى جواره لا تكف عن شرب الماء، إلى أن فاتحها بمخاوفه من مرضها وفسخ الخطبة.
لم تتوقَّع سيّدة سعودية بعد التحاقها بالعمل في إحدى الشركات المتخصصة في الألبان والأغذية أنه سيتم الطلب منها بضرورة الخروج مع رئيسها المباشر، الذي يحمل جنسية باكستانية في مناسبة غداء عمل! تقول السيدة السعودية في شكواها: «رفضت ورفض زوجي هذا الطلب، ولم نكن نعلم أنه سيكون الإشارة الأولى لبدء التعسف الوظيفي»! قصة أوردتها بعض وسائل الإعلام، وعند هذا الباب تحديدًا، تتوسع الاتهامات ولا يحدد المسؤول، وغالبًا ما يكون التطفيش من العمل مؤامرة جماعية، ومؤذية إلى حد ما، خصوصًا في دول الخليج؛ حيث الموظف العالق بقروض البنوك، وبطاقات الائتمان. والغرض منها عدم حصوله على ضمانه المالي الكامل، لكن مذيعة روتانا حفصة أبو سيدو، من السعودية، ترى التطفيش بوجه آخر، جليًا في الاجتماعات الإدارية، عن طريق تحطيم أفكار كل المعينين الجدد، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، تعلّق حفصة: «لدى البعض هو أساس للاستقرار وتأكيد للحيازة».
فيما روت لنا الدكتورة بصيرة الداود، عضوة هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في السعودية، قصة عن إدارة سابقة سعت لإبعاد إدارية تعمل منذ 30 عامًا، وبقي لها على التقاعد 6 أشهر فقط، فعينتها كموظفة أمن!
وتبادر إلى ذهن المذيع أحمد المفلح من السعودية، قصة صديقه الذي يسعى وراء معاملة في إحدى الوزارات منذ 6 أشهر، وكلما ذهب لمتابعتها يتعمد المدير إيجاد نواقص فيها؛ في محاولة واضحة لأخذ رشوة مقابل إتمامها.
وقد شعر جابر خليفة، موظف في الإمارات، بعد عمله لسنين أن المدير يحاول تطفيش أي موظف ليس من جنسيته، فكان يتصيد الأخطاء، حتى جاء دوره ووجد من يطفشه!
وأفضل وسيلة لطرد صحافية هي عدم نشر مواضيعها، وتهميشها في اجتماعات التحرير، والتعتيم على كل اقتراحاتها، هذا ما أخبرتنا به إحدى العاملات في الإعلام من المغرب.
لكن هناك من يقاوم سياسة التطفيش في عمله، ربما لعدم وجود بدائل، أو لتجنب خسارة التعويض، وهذا ما يفعله حسين النجار، موظف بحريني، حتى عندما أجبر على الدوام لساعات طويلة، استخدم فرصة «البريك» لمزيد من الإنتاج، حسب قوله؛ حتى اضطروا لترقيته بعد أن ملوا منه.
تطفيش بالجملة
هو بالفعل أسلوب وثقافة حياتية، قد يلجأ إليها البعض في كل خطوة وكلمة، فالمواعدة الكاذبة هي أسلوب تطفيشي مجد برأي رسام الكاريكاتير السعودي صلاح العويض، بحيث تصل الرسالة للطرف الآخر بشكل غير مباشر، هذا على افتراض أن هذا الطرف لن يجد الوقت للوقوف مع وردته الحمراء مطولاً، كما كان يحدث في الأفلام القديمة. لكن أبا خليل مدرس متقاعد من فلسطين، تذكر أساليب المعلمين القدامى، حيث كان بعضهم يسرق دفاتر تحضير الدروس وينسبها لنفسه، أو يسرق النسخ الأصلية من الامتحانات، ويقدمها للمدير على أنها اجتهاده الشخصي، فيقع المدرس المسؤول في ورطة مدبرة، ويتم نقله إلى مدرسة حدودية في منطقة نائية.
وعندما زار أسامة محمد عبد العظيم، طالب جامعي مصري، بيت خاله، استقبله الخال وزوجته دون أبنائهما بحجة أنهم ذهبوا إلى النادي، ثم قدموا له الشاي دون أي كلام، يتابع محمد: «كنت إذا تكلمت يرد باقتضاب، فاضطررت للاستئذان، ولم يمانع، وعند الباب أعطاني كيس «الفيشار»، وقال: «تسلى به في طريقك».
قد لا تنفع وسائل التطفيش مع كثير من الناس، كصديق أحمد إبراهيم، صحفي مصري، والذي وصفه بـ(الرخم)، فعندما تثاءب أمامه ونظر في الساعة لم ينتبه، فاضطر أن يقول له: اشرب الشاي وانزل لأن وقت نومي حان، فشربه واستمر في الكلام ثم اتجه إلى «البلاي استيشن» ولعب به، وعندما شعر الصديق بالضيق، قال لإبراهيم: ما رأيك في النزول إلى القهوة؟ فطاوعه ونزلا، وهناك تعمد الاتصال بالهاتف وانصرف ولم يعد. فيما وجد حازم لملوم ابن بلده طالب جامعي، أن أفضل طريقة لإبعاد جاره الحسود، هي ملء المكان بالديتول، الذي اكتشف حساسيته له.
تذكر بعض كتب التاريخ أن أم قيس كانت السبب في تطليق ابنها قيس من زوجته لبنى؛ لعدم إنجابها، وذلك عندما قطعت عنها الزاد، فطفشتها، لكن «لبنى» هذه الأيام أكثر قدرة على شراء زادها من السوبر ماركت، وأكثر جرأة على تطفيش أم قيس! فقد بدا الندم واضحًا على وجه أم هاني ياسين، ربة منزل فلسطينية، وهي تتحدث عن طريقة تطفيشها لحماتها بالشراكة مع «سلفاتها» حيث كنّ يضعن لها المسهلات في الطعام، فتعود إلى بيتها بعد شعورها بالحرج الشديد.
وعندما تتعمد الزوجة ارتداء (اللانجري)، عند زيارة حماتها لها، فهي أخبث وسيلة للتطفيش، سمعت عنها الإعلامية هنادي وليد من السعودية، لتوصل رسالتها: «الوقت غير مناسب للزيارة»!
أساليب السحر والشعوذة، هي الأكثر اتباعًا لتطفيش الجيران، وهذا ما عمل به جار فاطمة جادور، موظفة مغربية، بجارتهم الأخرى؛ لإنهاء ضوضائها، حتى أصبحت تستفيق لتجد محاليل بكل الألوان الداكنة على باب بيتها، وبعد الهستيريا التي أصابتها بحثت عن بيت آخر.
هي الطريقة نفسها التي أجبرت أم عمر، ربة بيت في فلسطين، على الانتقال من بيتها، بعد أن تأكدت أن جارتها التي تتردد عند المشعوذين تسكب الماء أمام بابها، تعلق أم عمر: «انتقلت إلى بيت آخر، فابتليت بجارة ترسل أولادها لسرقة ثمار أشجار حديقتي».
وعندما اشترت ميرفت خليفة، مدرسة في المنامة، بيتًا توافدت الجارات عليها، وابلغنها بأنه مسكون، لكن جارتها اللصيقة كانت تحضر كل يوم لتكرر القصة، ثم رأتها وهي تضع الزجاج المكسور على طول السور المشترك؛ لمنع الجن من الانتقال إلى فيلتهم، وعندما امتلأ الكراج بالماء خرجت من الباب الخلفي، فوجدت الجارة وخادماتها يسكبنه بكل ما لديهن من أوان، تعلّق ميرفت: «كانت تريد تطفيشنا لشراء البيت بسعر بخس».
وعلى ذمة خالد محمود، موظف في فلسطين، فإن جارته كانت تقف في شرفتها بملابس مغرية، بينما يتعمد زوجها قص حبل الغسيل؛ لتقع ملابسهم المبتلة أرضًا، وعندما ترك الشقة اكتشف أنها كانت تفعل ذلك لتستولي عليها من صاحبها!
فيما عانت آيات أسامة، طالبة جامعية من مصر، هي وأسرتها من طرق تطفيش مالك العقار الذي يسكنونه، فمع نهاية كل شهر، وتحديدًا في الـ27 منه، يفتح باب شقته في الطابق الأول ليل نهار، وأثناء صعود ونزول أي فرد من العائلة، يلقي تحياته المكررة، ويستمر على حاله إلى أن يدفعوا الإيجار وبعدها يغلق بابه، تستدرك: «إلى أن اتخذنا قرارنا بالرحيل من هذا العقار».
إذا حدثتك في موضوع لأخذ المشورة، اكتف برمقها بنظرات الاستخفاف، ولا تعرِّفها وجهتك خارج البيت، وإياك أن تقول: «تسلم إيديك، الأكل طيب»، فهي مجرد طبخة، وعندما تتزين لك اشغل نفسك بمتابعة التليفزيون، ومع الأصدقاء لا تنفك عن انتقادها، وإذا قالت للأولاد يمينًا قل لهم شمالاً، واعلم أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، ولا تنس أن تقضي أغلب أوقاتك خارج البيت! هذه ببساطة نصائح للزوج الذي يريد «تطفيش زوجته» وهي تلوح بيديها الفارغتين!
كلا الطرفين قد يتبع الأسلوب لأغراض تختلف حدتها؛ لذلك وافق الصحافي سامي المنصوري، من السعودية، على الصمت والانشغال بأوراق العمل من الوصفة السابقة، وأضاف إليها التظاهر بالنوم وتقلب المزاج، يعلّق: «عندها ستطلب الزوجة عن طيب خاطر الذهاب إلى أهلها». لكن علي شعبان، مدير مبيعات مصري، استغل سياسة التطفيش أو «التوزيع» حسب التعبير الدارج، مع زوجته ليدخن السجائر مع أصدقائه، حسب زعمه، فكان يطلب منها كل دقيقة شايًا وقهوة، وعندما لم يفلح في التخلص منها استسلم قائلاً: «بعد هذه المضايقات ألا تريدين الذهاب إلى أمك»، فلبت طلبه، لكنها لم تعد إلا بعد ثلاثة أيام.
وحين ملَّ محمد خالد، رجل أعمال، في الإمارات، من زوجته التي لا تعشق في السفر إلا التسوق، وحمل الأكياس المليئة بالأحذية والملابس، جعلها ترفض مرافقته، حين أصر على اصطحاب أخته التي ترملت حديثًا معهما، يتابع محمد: «اتفقت مع أختي، على أن تخبر زوجتي بالأمر، وإذا بزوجتي تصرخ في وجهي قائلة: سافر أنت وأختك، لا أريد أن أسافر معكما».
الزوجة أيضًا تطمح لتطفيش زوجها، ولكن بالمال، كما حاولت سارة أمين، موظفة من الإمارات، حيث أقنعته بالسفر لأسبوع مقابل التكفل بكل المصاريف!
لكن منال نبيل، ربة بيت من الإمارات، فشلت في إقناع زوجها للتوقف عن عمل الولائم لأهله، فاضطرت أن تترك البيت؛ لتكتشف أن الولائم وسيلته لتطفيشها!
غير أن مجيدة علي الزبير، موظفة مغربية، لم تعد تأبه لأساليب التطفيش التي يتبعها معها زوجها، وتذكر تلك الليلة التي طلبت منه أن ترافقه إلى مراكش، لكنه تهرب وطلب منها أن تذهب عند أختها بمدينة أخرى، تتابع مجيدة: «كنت أدرك أنه على علاقة مع أخرى، وأنه يرغب بالخلاص مني».
فيما تلجأ ابنة بلدها عائشة العزيوي، ربة منزل، إلى سياسة تطفيش مرحة؛ بتوزيع المياه على أرضية كل غرف المنزل؛ مما يجبر زوجها وأولادها على تركه، فتنعم هي بترتيبه دون مضايقات.
وحين ترغب أم وسيم حمود بطرد زوجها من البيت، تطهو «كوارع وكرشة» لأهلها، فترغمه على ترك البيت ليوم كامل.
«لا يوجد أسهل من تطفيش زوجتي»، بهذه العبارة اللامبالية بدأ المصور الصحفي خالد لبادة، من البحرين كلامه، فهو عندما يقرر البقاء مع أصحابه يوهمها أن البيت بحاجة «لرش المبيدات»، وبما أنها مصابة بالربو، تترك البيت طواعية.
حين يفرض الأهل على ابنتهم عريسًا محترمًا وابن حلال وغنيًّا ومتعلّمًا، كيف لهم أن يفهموا أنه ثقيل الدم، وكيف لها أن تخبرهم؟ ولم يعد بإمكانها التخلص منه على طريقة سعاد حسني في «تطفيش» العريس في فيلم «الزواج على الطريقة الحديثة»، فوضعت الملح في «الشربات» له، فهي طريقة مكشوفة، تذكرتها أم هاني، ربة منزل من فلسطين، وأضافت إليها سكب رائحة نفاذة على ملابس العروس، فيما تروي عن ابنة جارتها كيف تظاهرت بمرض النوم؛ لتطفيش عريسها الذي أرغمت عليه حتى ظن أنها ولدت نائمة!
وعندما فوجئت إحدى صديقات المذيعة بالتليفزيون السعودي، سمية أحمد، أثناء خروجها للتنزه مع أهلها أنها في مقابلة مع عريس، قررت تطفيشه من اللقاء الأول، واتبعت أسلوب السب والصراخ في وجوه الأطفال المحيطين بها بشكل غير لائق؛ علّه يأخذ انطباعًا سيئًا عنها فلا يعود. والطريقة الصائبة التي اتبعتها فاتن جامود، موظفة مغربية؛ لتطفيش شاب أراد الزواج بها، هي إخباره أن والدها مادي جدًا، وهي مثله طبعًا، وسيشترطان مهرًا خياليًا، فما كان منه إلا أن استدل على أول طريق وهرب!
فيما كانت خطة هند عادل، طالبة جامعية في الإمارات؛ لتنفير ابن عمها من خطبتها هي الظهور أمامه بملابس متسخة، وتناول كمية من الثوم، حتى «طفش»!
ورفع رضا بركات، موظف في الإمارات، يديه مستسلمًا؛ فقد تغلب عليه أهل خطيبته بنظرتهم المتعالية، وإشارتهم لوظيفته البسيطة، وعندما بدأت الأم بعزف نغماتها أن ابنتي جميلة وألف واحد يتمناها فقد أعصابه وفسخ الخطبة.
ولكي تتخلص سالي صلاح، طالبة جامعية من البحرين، من خطيبها الطيار البخيل، اتفقت مع صديقتها الدكتورة أن تكشفا أمامه أنها مصابة بمرض السكري، وباتت كلما التقته قضت أكثر وقتها في الحمام، وإن جلست إلى جواره لا تكف عن شرب الماء، إلى أن فاتحها بمخاوفه من مرضها وفسخ الخطبة.
لم تتوقَّع سيّدة سعودية بعد التحاقها بالعمل في إحدى الشركات المتخصصة في الألبان والأغذية أنه سيتم الطلب منها بضرورة الخروج مع رئيسها المباشر، الذي يحمل جنسية باكستانية في مناسبة غداء عمل! تقول السيدة السعودية في شكواها: «رفضت ورفض زوجي هذا الطلب، ولم نكن نعلم أنه سيكون الإشارة الأولى لبدء التعسف الوظيفي»! قصة أوردتها بعض وسائل الإعلام، وعند هذا الباب تحديدًا، تتوسع الاتهامات ولا يحدد المسؤول، وغالبًا ما يكون التطفيش من العمل مؤامرة جماعية، ومؤذية إلى حد ما، خصوصًا في دول الخليج؛ حيث الموظف العالق بقروض البنوك، وبطاقات الائتمان. والغرض منها عدم حصوله على ضمانه المالي الكامل، لكن مذيعة روتانا حفصة أبو سيدو، من السعودية، ترى التطفيش بوجه آخر، جليًا في الاجتماعات الإدارية، عن طريق تحطيم أفكار كل المعينين الجدد، وإبقاء الوضع على ما هو عليه، تعلّق حفصة: «لدى البعض هو أساس للاستقرار وتأكيد للحيازة».
فيما روت لنا الدكتورة بصيرة الداود، عضوة هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في السعودية، قصة عن إدارة سابقة سعت لإبعاد إدارية تعمل منذ 30 عامًا، وبقي لها على التقاعد 6 أشهر فقط، فعينتها كموظفة أمن!
وتبادر إلى ذهن المذيع أحمد المفلح من السعودية، قصة صديقه الذي يسعى وراء معاملة في إحدى الوزارات منذ 6 أشهر، وكلما ذهب لمتابعتها يتعمد المدير إيجاد نواقص فيها؛ في محاولة واضحة لأخذ رشوة مقابل إتمامها.
وقد شعر جابر خليفة، موظف في الإمارات، بعد عمله لسنين أن المدير يحاول تطفيش أي موظف ليس من جنسيته، فكان يتصيد الأخطاء، حتى جاء دوره ووجد من يطفشه!
وأفضل وسيلة لطرد صحافية هي عدم نشر مواضيعها، وتهميشها في اجتماعات التحرير، والتعتيم على كل اقتراحاتها، هذا ما أخبرتنا به إحدى العاملات في الإعلام من المغرب.
لكن هناك من يقاوم سياسة التطفيش في عمله، ربما لعدم وجود بدائل، أو لتجنب خسارة التعويض، وهذا ما يفعله حسين النجار، موظف بحريني، حتى عندما أجبر على الدوام لساعات طويلة، استخدم فرصة «البريك» لمزيد من الإنتاج، حسب قوله؛ حتى اضطروا لترقيته بعد أن ملوا منه.
تطفيش بالجملة
هو بالفعل أسلوب وثقافة حياتية، قد يلجأ إليها البعض في كل خطوة وكلمة، فالمواعدة الكاذبة هي أسلوب تطفيشي مجد برأي رسام الكاريكاتير السعودي صلاح العويض، بحيث تصل الرسالة للطرف الآخر بشكل غير مباشر، هذا على افتراض أن هذا الطرف لن يجد الوقت للوقوف مع وردته الحمراء مطولاً، كما كان يحدث في الأفلام القديمة. لكن أبا خليل مدرس متقاعد من فلسطين، تذكر أساليب المعلمين القدامى، حيث كان بعضهم يسرق دفاتر تحضير الدروس وينسبها لنفسه، أو يسرق النسخ الأصلية من الامتحانات، ويقدمها للمدير على أنها اجتهاده الشخصي، فيقع المدرس المسؤول في ورطة مدبرة، ويتم نقله إلى مدرسة حدودية في منطقة نائية.
وعندما زار أسامة محمد عبد العظيم، طالب جامعي مصري، بيت خاله، استقبله الخال وزوجته دون أبنائهما بحجة أنهم ذهبوا إلى النادي، ثم قدموا له الشاي دون أي كلام، يتابع محمد: «كنت إذا تكلمت يرد باقتضاب، فاضطررت للاستئذان، ولم يمانع، وعند الباب أعطاني كيس «الفيشار»، وقال: «تسلى به في طريقك».
قد لا تنفع وسائل التطفيش مع كثير من الناس، كصديق أحمد إبراهيم، صحفي مصري، والذي وصفه بـ(الرخم)، فعندما تثاءب أمامه ونظر في الساعة لم ينتبه، فاضطر أن يقول له: اشرب الشاي وانزل لأن وقت نومي حان، فشربه واستمر في الكلام ثم اتجه إلى «البلاي استيشن» ولعب به، وعندما شعر الصديق بالضيق، قال لإبراهيم: ما رأيك في النزول إلى القهوة؟ فطاوعه ونزلا، وهناك تعمد الاتصال بالهاتف وانصرف ولم يعد. فيما وجد حازم لملوم ابن بلده طالب جامعي، أن أفضل طريقة لإبعاد جاره الحسود، هي ملء المكان بالديتول، الذي اكتشف حساسيته له.
تذكر بعض كتب التاريخ أن أم قيس كانت السبب في تطليق ابنها قيس من زوجته لبنى؛ لعدم إنجابها، وذلك عندما قطعت عنها الزاد، فطفشتها، لكن «لبنى» هذه الأيام أكثر قدرة على شراء زادها من السوبر ماركت، وأكثر جرأة على تطفيش أم قيس! فقد بدا الندم واضحًا على وجه أم هاني ياسين، ربة منزل فلسطينية، وهي تتحدث عن طريقة تطفيشها لحماتها بالشراكة مع «سلفاتها» حيث كنّ يضعن لها المسهلات في الطعام، فتعود إلى بيتها بعد شعورها بالحرج الشديد.
وعندما تتعمد الزوجة ارتداء (اللانجري)، عند زيارة حماتها لها، فهي أخبث وسيلة للتطفيش، سمعت عنها الإعلامية هنادي وليد من السعودية، لتوصل رسالتها: «الوقت غير مناسب للزيارة»!
أساليب السحر والشعوذة، هي الأكثر اتباعًا لتطفيش الجيران، وهذا ما عمل به جار فاطمة جادور، موظفة مغربية، بجارتهم الأخرى؛ لإنهاء ضوضائها، حتى أصبحت تستفيق لتجد محاليل بكل الألوان الداكنة على باب بيتها، وبعد الهستيريا التي أصابتها بحثت عن بيت آخر.
هي الطريقة نفسها التي أجبرت أم عمر، ربة بيت في فلسطين، على الانتقال من بيتها، بعد أن تأكدت أن جارتها التي تتردد عند المشعوذين تسكب الماء أمام بابها، تعلق أم عمر: «انتقلت إلى بيت آخر، فابتليت بجارة ترسل أولادها لسرقة ثمار أشجار حديقتي».
وعندما اشترت ميرفت خليفة، مدرسة في المنامة، بيتًا توافدت الجارات عليها، وابلغنها بأنه مسكون، لكن جارتها اللصيقة كانت تحضر كل يوم لتكرر القصة، ثم رأتها وهي تضع الزجاج المكسور على طول السور المشترك؛ لمنع الجن من الانتقال إلى فيلتهم، وعندما امتلأ الكراج بالماء خرجت من الباب الخلفي، فوجدت الجارة وخادماتها يسكبنه بكل ما لديهن من أوان، تعلّق ميرفت: «كانت تريد تطفيشنا لشراء البيت بسعر بخس».
وعلى ذمة خالد محمود، موظف في فلسطين، فإن جارته كانت تقف في شرفتها بملابس مغرية، بينما يتعمد زوجها قص حبل الغسيل؛ لتقع ملابسهم المبتلة أرضًا، وعندما ترك الشقة اكتشف أنها كانت تفعل ذلك لتستولي عليها من صاحبها!
فيما عانت آيات أسامة، طالبة جامعية من مصر، هي وأسرتها من طرق تطفيش مالك العقار الذي يسكنونه، فمع نهاية كل شهر، وتحديدًا في الـ27 منه، يفتح باب شقته في الطابق الأول ليل نهار، وأثناء صعود ونزول أي فرد من العائلة، يلقي تحياته المكررة، ويستمر على حاله إلى أن يدفعوا الإيجار وبعدها يغلق بابه، تستدرك: «إلى أن اتخذنا قرارنا بالرحيل من هذا العقار».