تتسم السنة الأولي من الزواج بالكثير من المشاحنات والخلافات بين الزوجين لعوامل كثيرة ربما يكون أهمها اكتشاف كل طرف الطباع والخصال الحقيقية للطرف الثاني وفي السنوات الاخيرة اصبح الانفصال السريع سمة للزواج
المعاصر للدرجة التي يمكن ان يحدث فيها الطلاق في الثلاثة الأشهر الأولي من الزواج.توجهنا لأكثر من مكتب تسوية منازعات لمعرفة الامر علي الطبيعة ووجدنا أن الإعداد للاحصاء الدقيق يأخذ وقتا وإجراءات روتينية في الوصول إليه إلا أن الخبراء بهذه المكاتب جاءت اغلب ارائهم لتتفق بأن نسبة كبيرة من المتزوجين ينفصلون لأسباب بسيطة وبتدخل من الأسر وفي آخر إحصاء أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أوضح أن نسبة طلاق للرجال في الفئة العمرية من 30 إلي أقل من 35 سنة, بلغت 19.2% أما للمطلقات فمن 25 إلي أقل من 30 سنة.
سامية- 34 سنة مطلقة بعد زواج دام خمسة أشهر قالت: أنا لم أرغب في الطلاق لكن زوجي دفعني إليه فبعد اسبوع واحد فقط من الزواج اصبح يعاملني بطريقة غير لائقه يتلمس السفر بعيدا عني ويهجرني كلما حاولت الاقتراب بشكل إنساني منه يصدني ويهين مشاعري لا يتحمل مسئوليتي في أي شيء ويتركني بمفردي سألته لماذا تزوجتني قال لي أنا تزوجتك بشرع الله لم استطع تحمل قسوته وحدث الطلاق بيينا سريعا.
م .ف 27 سنة خضت تجربة الطلاق بعد ثلاثة أشهر من الزواج بعدما تبين لي أن زوجتي تتصرف تصرفات غريبة كثيرة الشك تسألني دوما هل أحبها أم لا حتي فوجئت بها تحاول الانتحار دون سبب مما دفعني للانفصال عنها.
تقول ميرفت أباظة ــ خبير نفسي بمكتب التسوية بمحكمة الأسرة بالقاهرة الجديدة ــ نسبة كبيرة من الزيجات تنتهي بالطلاق في السنة الاولي ومن الحالات التي تعرض علي مكتبنا فإن أكثر الأسباب التي تؤدي إلي لجوء الزوجين للانفصال مبكرا عدم تحمل وتقدير الشباب للمسئولية ووقوفهما ندا لبعضهما علي أبسط الأمور فعندما يأتي إلينا زوجان ونستمع منهما للأسباب التي قادتهما للطلاق نجد أنه لا يوجد خلاف شديد أو سبب قوي يتطلب ان ينهيا حياتهما الزوجية بمنتهي السهولة هذا بالإضافة إلي ملاحظتنا أن تدخل الأسر له دور في هذا الوضع المؤسف.
وعن الدور والخطوات التي يقوم بها مكتب تسوية المنازعات لمحاولة معالجة الخلافات الزوجية تقول ميرفت نحن جهة محايدة لمحاولة إصلاح الأمور بين الزوجين طرفي النزاع فعندما تأتي إلينا حالة طلاق نستدعي طرفيها ونتحدث معهما ونبسط لهما خلافهما وبما أن الزوجة تستحوذ علي النسبة الاعلي في طلب الانفصال فإنها عندما تأتي إلينا نتركها تقول ما تريد ثم نستدعي الزوج ونقوم بطرح بعض الأسئلة عليه في إطار ما ذكرته الزوجة ولكن دون إخباره بشكل مباشر بما قصته علينا ونبدأ في مطابقة كلامهما لمعرفة حقيقة الخلاف بينهما فمثلا إذا كانت مشكلة الزوجة انها تقيم في مسكن حماتها مما يسبب لها أزمة نفسيه كبيرة نتبين أنه بحديثنا مع الزوجة رغبتها في أن يكون لها سكن خاص بها, وهنا اتدخل وأسأل الزوج اذا كان بإمكانه تلبية طلبها وهناك حالات يجيب بأنه يستطيع توفير محل سكن لها وأعطيه مهلة شهر لتحقيق هذا المطلب ،
وحالات أخري يجيب الزوج بالرفض وبناء عليه إذا لم توافق الزوجه علي العودة إليه فأن الامر يحول الي المحكمة وتضيف ميرفت قائلة اكثر الحالات التي تأتي الي المكتب الذي اعمل فيه تستجيب للتصالح اذا حضر طرف النزاع حيث يحدث تسويه كبيرة تصل الي نسبة 60% مع العلم أن الرضوخ والميل للتصالح يأتي من الزوجه وتكون مضطره لذلك بسبب الأبناء لعدم توافر دخل مادي يساعدها علي رعايتهم وحتي إذا كانت تعمل فقد لا يكفي دخلها وهذا يرجع إلي أن أول تصرف يقوم به الزوج في حالة وجود خلاف ونزاع أسري هو منع المصروف عن البيت
ويقول خبير قانوني بأحد مكاتب تسوية المنازعات الأسرية رفض ذكر اسمه هناك حالات بالفعل لابد أن يحدث فيها طلاق نظرا لسوء الاختيار وسرعة الرغبة في الزواج لكن هناك حالات كثيرة من المتزوجين حديثا ترغب في الطلاق لأسباب واهيه في الاشهر الأولي من الزواج اذكر منها زوجه رغبت في الطلاق لأن زوجها ينفعل عليها أثناء شجارهما وأخري جاءت بصحبة أسرتها لطلب الطلاق بسبب خلاف زوجها معها علي مواعيد العمل ولاحظت أن أسرتها كانت تشجعها بشدة علي الطلاق طمعا في راتبها المغري.
يقول الدكتور أحمد شوقي العقباوي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر : اجري المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية دراسة حديثة عن نسب الطلاق في السنة الأولي من الزواج والنتيجة أنها نسبة مرتفعه جدا وهنا سأخص بحديثي تحليل الشرائح العمرية من 20 الي 35 سنة من الأزواج والزوجات المتعلمين والعاملين وجد أن أكثر من 50% من زيجات هذة الشريحه لم يكن الارتباط بينهما ارتباطا تقليديا أي زواج صالونات وانما كان الاختيار متبادلا بين طرفي العلاقه الزوجية فمنهما ماهو مبني علي الحب والآخر في أساسه مبني علي الصداقة وهذا ما دفعنا نحن المتخصصين الي التساؤل ماذا يحدث وبعد ما حللنا النتائج وجدنا الآتي أن البنت تتربي علي أنها متعلمة ثم تصبح امرأه عاملة لها ذمتها المالية المنفصلة وبالتالي يصبح عندها قدر من الثقة في نفسها تجعلها ذات شخصية مستقلة غير معتمدة نفسيا علي الزوج,
هذا إضافة إلي أنها عندما تدخل في علاقه حب فإن الحبيب المفعم بلحظات رومانسية يقدم لها وعودا وهو غير قادر علي تحقيقها مثل أن يكون متفهما لها ولن يعاملها بنديه أو يكون سي السيد ولكن واقع الأمر أنه بعد الزواج يعاملها كجارية ولا ينصت لها فهو بشكل فعلي غير مستعد للتغيير ومن هنا يبدأ حدوث تباعد تدريجي بينهما وقد يفسر البعض رد فعل الزوجة علي أنه مجرد دلع ولكن هذا مؤشر علي بداية خلل حقيقي في العلاقه الزوجية والتي تنتهي بالفعل إلي الطلاق.
ويضيف د.شوقي قائلا: ان الخلل الذي يحدث في العلاقة الزوجية هو نتيجة اكتشاف الزوجين أن الزواج سلسلة من التنازلات ومحاولة التواؤم مع الآخر, وبالتالي الأمر هنا مرتبط بنوع التربية التي تربيا عليها كما أنه حين يحدث خلاف بينهما يذهب كل طرف الي اهله ليشتكي والأهل إذا لم يكونوا يتمتعون بالحكمة وساروا علي نهج المشتكي فهذا يساعد علي التباعد بين الزوجين وبسؤاله حول تعليقه عن أن الزوجة هي أكثر من يطلب الطلاق يقول؟
ان الزوجة في المجتمع الشرقي هي الطرف الأضعف وليس لها حقوق والزوج له كل الحقوق وبعدما أنصفها الشرع والقانون بالخلع فإن كل الرجال غاضبون من ذلك ويريدون إعادة الأمور لما كانت عليه من قبل فطلب الانفصال من حقها طالما كان هناك سبب قوي يدفعها لذلك.
ويقول المستشار محمود خليل رئيس محكمة الأسرة من واقع ما يعرض علينا في المحاكم نلمس ارتفاع نسب الطلاق في السنوات الاولي من الزواج كثيرا وتأتي الأسباب المادية وشكوي الزوجة من بخل الزوج من أبرز أسباب دعاوي الطلاق كما تبين أن 36% من أسباب الطلاق السريع بين الزوجين في الفترة الأولي من الزواج يرجع لتقارب سن الزوجين.
وأري أن مكاتب تسوية المنازعات اصبح دورها روتيني لا يساهم بشكل كبير في محاولة الاصلاح بين الزوجين طالبي الانفصال سبب ذلك أن الأمر يتطلب جهدا كبيرا جدا ودعاوي الخلافات الأسرية أصبحت كثيرة ويكمل المستشار خليل قائلا: المرأة أسرع في طلب الطلاق والاصرار عليه خاصة إذا كانت تعمل حيث تشعر أنها مستقلة هذا فضلا عن ان التغير الذي حدث في تركيبة المجتمع وعدم تحمل طرفي الزواج للمسئولية وتشجيع الاسر علي ذلك ساهم بشكل كبير في إذكاء هذا الأمر لذلك يكون الحل هو محاولة إصلاح الخلاف بين الزوجين قبل وصول النزاع بينهما للمحكمة لأنه إذا ما تصاعد الأمر بينهما للقضاء خاصة مع البعض من المحامين الذين يستغلون هذا الموقف تحدث مشكلات كثيرة تزيد من الحاجز النفسي بين الزوجين وتجعل الموقف صعبا بينهما .
ففي موقف أذكره نشب خلاف بين زوجين لم يكد يمر علي زواجهما عام واراد والد الزوجة أن يصعد الامر عبر النيابة والقضاء فقام بعض العقلاء بإعطائه النصيحة بعدم فعل ذلك حتي لا تزيد مساحة الخلاف بين الزوجين ومحاولة التدخل للإصلاح بينهما وبالفعل حدث ذلك وتم تدارك الأمر ولم ينفصلا فالعبره هنا بجدية أطراف النزاع وأسرهم في الحرص علي الاستقرار وعدم التسرع في انهاء الحياة الزوجية.