30‏/04‏/2012

حوار مع ضابط صاعقة أمام وزارة الدفاع قبل هجوم البلطجية بلحظات


يشعر معظم المصريين الآن، بقدر كبير من غياب الرؤية الحقيقية بشأن مفردات اللحظة الراهنة أو المستقبل القريب، كل المؤسسات تعاني من التشكيك فى مصداقيتها .. كل الرموز معرضة للتشويه بحيث لم يعد أحد يدري من نصدق ومن نكذب، وهو ما يجعلني يجعل المصريين أكثر قلقا على بلدهم من أي وقت مضي.

الاستسلام لما تعرضه الميديا بكافة أنواعها يجعل المتلقي اكثر توهة، على عكس ما يجب أن تكون عليه وسائل الإعلام، تماما كما جري فى أزمة المواطن المصري المعتقل فى السعودية، وقد كشفت تلك الأزمة إلى أي مدي نعاني كمصريين من عدم قدرة على الفعل بقدر قدرتنا على الهجوم اللفظي، وهو ما لا يعفي مسئولين آخرين عن تغييب متعمد وغير متعمد للحقائق.

أزمة أخري تفجرت أخيرا، وذلك عندما قرر "أولاد أبو إسماعيل" وعدد من القوي السياسية إعلان الاعتصام، حيث تحولت البوصلة سريعا من المطالبة بإعادة مرشحهم إلى حلبة السبق الرئاسي، إلى مطالبة المجلس العسكري – فجأة – بتسليم السلطة للمدنيين، وهو ما دفعني للنزول والتثبت من الحقيقة بنفسي، وعندما كانت الساعة حوالي الساعة العشرة مساء، كان ميدان العباسية والشارع المؤدي لوزارة الدفاع مشحونا بالبشر والهتافات، بينما وبالمقابل، كان هناك المئات من قوات الجيش والأمن المركزي وعشرات من المصفحات تتولي تأمين مقر الوزارة، وجذب انتباهي مشهد لواحد من ضباط الصاعقة الذي وقف يحرس مبني وزارته، اقتربت منه ودار بيننا هذا الحوار:

-مساء الخير يا فندم
مساء النور
-ممكن أعمل مع حضرتك حوار صحفى؟
والله أنا نفسى أتكلم بس مش هاينفع تصورنى ولا تقول إسمى لأن ده ممنوع تماماً وممكن أتحاكم عسكرياً بسببه
-طيب هو إيه رأى حضرتك فى اللى بيحصل ده؟
بص أنا بحب أبو إسماعيل وبرتاحله نفسياً بس قانوناً ما ينفعش يترشح.
-ما هو حضرتك الإعلان الدستورى ده باطل أساساً.
الكلام ده كان إتقال وقتها مش لما مصلحتهم تعارضت مع الإعلان الدستورى ومع نعم اللى قالوها جايين يعترضوا دلوقتى.
-وحضرتك شايف إيه دلوقتى؟
شايف إن اللى بيحصل ده هبل ومالوش أى معنى.
-ليه؟
لأن آسف يعنى كتر البوس ما يجبش عيال.
-يعنى إيه؟
يعنى كل الإعتصامات والمظاهرات دى مش هاتخلى المجلس العسكرى يعمل حاجة غصب عنه.
-إزاى؟
لأن فيه شرعية لابد إن الكل يحترمها تقدر تقولى المجلس يسلم السلطة لـ مين.
-تمام..
ثم ده خلاص فاضل 56 يوم على إنتخابات الرئاسة مش قادرين نتحكم فى نفسنا 56 يوم.
-بس حضرتك الناس زعلانة ومش مطمنة للمجلس العسكرى؟
لو المجلس العسكرى بيعمل حاجة غلط إحنا أول ناس هانقف قدامه ونحاسبه الموضوع مش سهل.
-أنا متشكر جداً لوقت حضرتك.

وما أن انتهي الحوار الذي ترك فى عقلي مزيدا من الأسئلة، حتى اندلع هجوم شنه بلطجية لا نعرف من أين أتو، (البعض قال أنهم من بلطجية حي عابدين) وفجأة تكهرب الجو، وبدأ المعتدون فى إلقاء زجاجات المولوتوف والحجارة وإطلاق النار على المعتصمين سلميا، وبدأ مسلسل كر وفر، يذكر بايام "محمد محمود" و"منصور"، ولكن فى النهاية يبقي أن المعتدي والمعتدي عليه هم فى النهاية مصريون، فهل هانت علينا دماؤنا وبلدنا إلى هذا الحد .. سؤال نرجو أن تجيب الأحداث عليه قريبا بالإيجاب وليس بالسلب