16‏/12‏/2011

بالتفاصيل والصور: ماذا حدث فى شارع مجلس الشعب

بقلم: محمد المراكبى
ربما لو أردنا الدقة .. فالسؤال يتطرق لما يحدث في شارع مجلس الوزراء وشارع قصر العيني وميدان التحرير . فالأماكن متقاربة ويكفى أن تجري لمترين أو ثلاثة لتجد نفسك هربت من معركة إلي معركة أخري فى مكان مختلف ..

الحكاية – حسب رواية المعتصمين – بدأت من اعتصام مجلس الوزراء والذى بدأ منذ فترة طويلة ، حيث وقعت اشتباكات بين قوات الشرطة العسكرية والمعتصمين، وذلك على إثر تأكيد المعتصمين على اختطاف أحد أفراد الألتراس من بينهم ثم تعذيبه وإعادته ، وكانت نقطة البداية حينما ألقى المعتصمون الحجارة على أفراد الشرطة العسكرية المتواجدين لتأمين مجلس الوزراء بسبب غضبهم من تعذيب زميلهم ، ثم فوجيء أفراد الجيش بأن بعض المعتصمين يلقون عليهم زجاجات مولوتوف، فردوا بإطلاق الأعيرة النارية فى الهواء ، ثم قطع المعتصمون شارع قصر العينى، واعتدى مجهولون على سيارة شرطة متواجدة بالمكان ..


والقصة بدأت كما يرويها لنا على عبد الحميد احد المعتصمين قائلاً : كان هناك مجموعة من الشباب المعتصمين أمام مجلس الوزراء يلعبون كرة القدم ، وفي أثناء لعبهم خرج شخصان من المجلس ووقفا لبعض الوقت أمام الباب الرئيسى وبعدها قاما بالنداء على شاب ممن يلعبون اسمه عبد الرحمن وشهرته "عبودى"، واصطحباه داخل المبنى ليخرج بعد ساعتين فى صورة بشعة ومحزنة ، فالوجه كان منتفخاً من كثرة الضرب وكانت به جروح كثيرة بمناطق مختلفة من الجسد تدل على تعذيبه ، كما كان مصاباً بحالة تشنج توحى بأنه تعرض لصعق كهربائى.
ويقول عمر محمود احد اطباء المستشفى الميدانى : " عبودى " خرج من مجلس الوزراء فى حالة حرجة للغاية ، وعندما تم نقله عندنا لاسعافه كانت صدمتنا كبيرة من صورته لدرجة اننا عجزنا حتى عن عمل أى اسعافات أولية له ، فالحالة كانت خطيرة للغاية وتحتاج إلى نقل للمستشفى ودخوله غرفة العمليات فوراً ، وقد قام زميل لنا صيدلى بالمستشفى الميدانى اسمه "احمد" بنقله فى سيارته الملاكى لمستشفى قصر الالعينى.
ويكمل رامى حسين احد المعتصمين قائلاً : بعد فعلتهم مع "عبودى" وجدنا الطابق الأخير بمنى مجلس الوزراء يخرج منه أشخاص يقومون بسب المعتصمين  ، وما كان منا بعد كل ذلك إلا الرد حتى ولو بتبادل السب والقذف لنجد الحجارة والزجاج وقطع الرخام تقذف علينا من فوق ،
لكن هذه لم تكن نهاية المعركة بل بدايتها ، وفجأة وجدنا سيارة داخل مبنى المساحة المجاور لمقر مجلس الوزراء تشتعل بعد أن ألقيت عليها كرات نار وزجاجات مولوتوف، وبعد ربع ساعة وجدنا الطابق الأسفل لنفس المبنى تخرج منه النيران ، كما اشتعلت غرفة الكهرباء العمومية الخاصة بمجلس الوزراء   .
ياسر إمام احد المعتصمين يكمل القصة قائلاً : النار التى أشتعلت كانت بفعل فاعل من افراد أمن المبنى حتى يتم اتهام المعتصمين بفعل ذلك  ، الدليل على ذلك أن بعدما فقدنا الأمل فى إرسال سيارات مطافئ قام المعتصمون بإطفاء النيران بأنفسهم.
اما احمد خيرى فيرى أن الحرب بدأت بين المعتصمين والحكومة الجديدة ، ولكنها حرب بطريقة ومخطط مختلف غير الذى اعتدناه من الحكومات السابقة ، وبدأت بموقعة الحواوشى أمس وتسمم العشرات ثم جاء حادث خطف وتعذيب أحد المعتصمين ، وبعدها تم رشقهم بالحجارة والزجاج وفتح خراطيم المياه عليهم .

وخلال ساعتين فقط ارتفعت أعداد المصابين إلى نحو 300 مصاب حسب كلام المتظاهرين ، بينما تقول وزارة الصحة أن عدد المصابين لا يزيد عن 15 فقط ،  كما كانت هناك بعض الإصابات بالرصاص الحي ، ونقلت عربات الإسعاف حالات الإصابة الخطيرة إلى مستشفى قصر العينى، وتحول شارع الشيخ يوسف إلى مستشفى ميدانى مفتوح وحاول أطباء المستشفى الميدانى إسعاف المصابين ومازال عدد المصابين فى ارتفاع.

ونظراً لعدم وجود أى تعليق رسمي علي ما يحدث .. فقد ركزت معظم التغطيات الإعلامية علي كلام شهود عيان ، وقال بعضهم إن مجموعة من الأشخاص تابعين لقوات الأمن في زي مدني - حسب كلام المعتصمين- بإشعال النار في الأشجار المحيطة بمجلس الشورى

وبينما كانت تتواصل عمليات الكر والفر وسقوط مصابين .. اشتعلت النيران فى مبنى الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى، الملاصق لمجلس الشورى، والمطل على شارع قصر العينى مباشرة، كما اشتعلت النار أيضا فى غرفة صغيرة بين مبنى مجلس الشعب ومبنى وزارة النقل ، كما أحرق متظاهرون سيارتين داخل المبنى المجاور لمجلس الشورى مباشرة،  وبالنسبة لمبنى وزارة النقل، فقد كسر متظاهرون السور الحديدى، وأشعلوا النار فى المبنى من خلال إحدى النوافذ لمفتوحة، وبدأت النيران بالفعل فى الاشتعال، ويتصاعد الآن دخان كثيف، وتسببت الأحداث الحالية فى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وبعضهم البعض، حيث يعترض أغلبية المعتصمين على إشعال النيران.

كل ذلك كان وقت فجر الجمعة ، وفشلت دعوة عدد من النشطاء السياسيين، وعلى رأسهم الناشطة أسماء محفوظ فى دعوة المعتصمين إلى التراجع لميدان التحرير، والاكتفاء بالتظاهر فى الميدان منعا لحقن الدماء، حيث رفض المعتصمون الدعوة، بحجة أن قوات الجيش منعتهم من الاعتصام أمام مجلس الوزراء ، حيث أكد المعتصمون الذين مازالوا كانوا يتبادلون إلقاء الحجارة بينهم وقوات الشرطة العسكرية أن من يريد التظاهر بميدان التحرير يذهب كيفما يشاء ويتركوهم يتظاهرون أمام مجلس الوزراء .

وبحلول العاشرة صباحاً تراجعت قوات الجيش المسئولة عن تأمين مجلس الوزراء إلى تقاطع شارع القصر العينى مع شارع مجلس الشعب، لتأمينه وإقامة حاجز بشرى، كما تم إغلاق شارع الشيح ريحان بالحواجز الحديدية والأسلاك الشائك واصطف خلفها العشرات من أفراد الجيش منعا لتسلل المتظاهرين إلى وزارة الداخلية ، فيما قام الأمن المدنى المسئول عن تأمين مبنى الهيئة العامة للطرق والكبارى بإغلاق الأبواب الحديدية أمام المتظاهرين الذين حاولوا التسلل إلى داخل المبنى وإلقاء الحجارة على قوات الجيش ، وحتى وقت صلاة الجمعة كانت حالات الكر والفر متواصلة  ، بينما نجح أفراد قوات الشرطة العسكرية فى إخلاء شارع مجلس الوزراء من معظم المعتصمين بواسطة إطلاق أعيرة نارية فى الهواء، مع مساندة زملائهم المتواجدين داخل مجلس الشورى برشق المعتصمين بالحجارة .

وحتى ظهر الجمعة .. تم اغلاق شارع قصر العيني ، ولاحقت الشرطة العسكرية أعداداً من المعتصمين الذين ذهب معظمهم إلي ميدان التحرير ..ورغم استمرار حالات الكر والفر بين معتصمى مجلس الوزراء والجيش، ساد الهدوء أرجاء ميدان التحرير، حيث يواصل العشرات اعتصامهم بالميدان، معلنين استمرارهم فى الاعتصام لحين تحقيق مطالبهم ، كما حاول بعض المتظاهرين إغلاق ميدان التحرير من جهة المتحف المصري وتحويل حركة مسار السيارات يسارا الى شوراع وسط القاهرة ، وحدثت بعض التراشقات اللفظية بين عدد من قائدي السيارات والمتظاهرين لقيامهم بإغلاق مدخل ميدان التحرير مرة أخرى .